قَالَ يَزِيدُ الرَّقَاشِيّ رحمه الله:« دَخَلْتُ عَلَى عَابِدٍ بِالبَصْرَةِ وَإِذَا أَهْلُ بَيْتِهِ حَوْلَهُ
فَإِذَا هُوَ مَجْهُودٌ قَدْ أَجْهَدَهُ الاجْتِهَاد.
قَالَ: فَبَكَى أَبُوهُ فَنَظَرَ
إِلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا الشَّيْخُ مَا الَّذِي يُبْكِيكَ؟
قَالَ: يَا بُنَيَّ أَبْكِي
فَقْدَكَ وَمَا أَرَى مِنْ جَهْدِكَ.
قَالَ: فَبَكَتْ أُمُّهُ، فَقَالَ:
أَيَّتُهَا الوَالِدَةُ الشَّفِيقَةُ الرَّفِيقَةُ مَا الَّذِي يُبْكِيكِ؟
قَالَتْ: يَا بُنَيَّ أَبْكِي
فِرَاقَكَ وَمَا أَتَعَجَّلُ مِنَ الوَحْشَةِ بَعْدَكَ.
قَالَ: فَبَكَى أَهْلُهُ وَصِبْيَانُهُ فَنَظَرَ
إِلَيْهِمْ ثُمَّ قَالَ: يَا مَعْشَرَ اليَتَامَى بَعْدَ قَلِيلٍ مَا الَّذِي
يُبْكِيكُمْ؟
قَالُوا: يَا أَبَانَا نَبْكِي فِرَاقَكَ وَمَا
نَتَعَجَّلُ مِنَ اليُتْمِ بَعْدَكَ.
قَالَ: فَقَالَ: أَقْعِدُونِي أَقْعِدُونِي
أَلَا أَرَى كُلَّكُمْ يَبْكِي لِدُنْيَاي أَمَا فِيكُمْ مَنْ يَبْكِي
لِآخِرَتِي؟!
أَمَا فِيكُمْ مَنْ يَبْكِي لِمَا يَلْقَاهُ فِي
التُّرَابِ وَجْهِي؟!
أَمَا فِيكُمْ مَنْ يَبْكِي لِمُسَاءَلَةِ
مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ وَإِيَّاي؟!
أَمَا فِيكُمْ مَنْ يَبْكِي لِوُقُوفِي بَيْنَ
يَدَيْ الله رَبِّي؟!
قَالَ: ثُمَّ صَرَخَ صَرْخَةً
فَمَاتَ»«صِفَةُ الصَّفْوَة» (4/18).
0 التعليقات:
إرسال تعليق