الأحد، 11 أكتوبر 2015

سُورَةُ الإِخْلَاص ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ وَقَفَاتٌ وَ تَأَمُّلَاتٌ





الحَمْدُ لله الَّذِي جَعَلَ القُرْآن تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَ هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِين، جَمَعَ فِيهِ أُصُولَ الدِّينِ وَفُرُوعَهُ وَ أَصْلَحَ بِهِ الدُّنْيَا وَالدِّين، وَ أَشْهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا الله المَلِكُ الحَقُّ المُبِين، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُه أَكْمَلُ الخَلْقِ وَسَيِّدُ المُرْسَلِين، صَلَّى الله عَلَيْه وَ عَلَى آلِهِ وَ صَحْبِه وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّين.
أَمَّا بَعْد:
إِخْوَانِي فِي الله..إِنِّي أُحِبُّكُمْ فِي الله..
«القُرْآنُ كَلَامُ الجَبَّار، وَسَيِّدُ الأَذْكَار، فِيهِ مِنَ العِلْمِ مَا يَفْتَحُ البَصَائِر، وَمِنَ الأَدَبِ مَا يُنوِّرُ السَرَائِر، وَمِنَ العِبَرِ مَا يُبْهِرُ الأَلْبَاب، وَمِنَ الحِكَمِ مَا يَفْتَحُ لِلْعِلْمِ وَالعَمَلِ كُلَّ بَاب، هُوَ القَوْلُ الفَصْل، وَالحَكَمُ العَدْل، فَمَنْ اسْتَهْدَى بِغَيْرِهِ ضَلّ، وَمَنْ سَلَكَ غَيْرَ نَهْجِهِ زَلّ، وَمَنْ اتَّبَعَهُ كَانَ عَلَى الصِّرَاطِ المُسْتَقِيم»« مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير» (1/95).
« فَلَا شَيْءٌ أَنْفَعَ لِلْقَلْبِ مِنْ قِرَاءَةِ القُرْآنِ بِالتَّدَبُّرِ وَالتَّفَكُّرِ فَإِنَّهُ جَامِعٌ لَجَمِيعِ مَنَازِلِ السَّائِرِين، وَأَحْوَالِ العَامِلِين، وَمَقَامَاتِ العَارِفِين»«مفتاح دار السعادة» (1/187).
إخواني في الله:
إِنَّ «سُورَة الإِخْلَاص» سُوْرَةٌ عَظِيمَة يَحْفَظُهَا الصَّغِيرُ وَالكَبِير، وَلَا يَمُرُّ يَوْمٌ إِلَّا وَتَجِدُ المُسْلِمَ يَقْرَؤُهَا عِدَّة مَرَّات فِي صَلَاتِه وَ أَذْكَارِه..
 وَمَعَ هَذَا تَجِدُ بَعْضَ إِخْوَانِنَا وَ أَخَوَاتِنَا يَجْهَلُ العَدِيدَ مِنْ مَعَانِيهَا وَ مَواضِعِ قِرَاءَتِهَا ؛  مَعَ الغَفْلَةِ عَنْ فَضَائِلِهَا الكَثِيرَة، وَمَزَايَاهَا العَدِيدَة؛ حَتَّى قَال الإِمَامُ ابنُ القَيِّم رحمه الله:: «وَلَمْ يَصِحّ فِي فَضَائِلِ سُورَةٍ مَا صَحَّ فِيهَا »«المنار المنيف» (ص114).
لِذَا أَحْبَبْتُ أَنْ نَقِفَ وَقَفَاتٍ يَسِيرَات مَعَ هَذِه الآيَات المُبَارَكَات عَسى أَنْ يَنْتَفِعَ المُسْلِمُونَ وَالمُسْلِمَات.
قَالَ الإِمَامُ ابنُ جَرِير الطَّبَرِي رحمه الله:«إِنّي لَأَعْجَبُ مِمَّنْ قَرَأَ القُرْآن وَلَمْ يَعْلَم تَأْوِيلَه، كَيْفَ يَلْتَذُّ بِقِرَاءَتِه؟!»« جامع البيان في تأويل القرآن » (1/10).
1/ بَعْضُ أَسْمَائِهَا:
عَدَّدَ بَعْضُ العُلَمَاءِ أَسْمَاءَهَا فَذَكَرَ لَهَا عِشْرِينَ اسْمًا، وَلَكِنَّ الأَشْهَرَ وَ الأَصَحّ:
سُورَةُ الإِخْلَاص: أَشْهَرُ الأَسْمَاء، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتَعْلِيمِ النَّاسِ إِخْلَاص العِبَادَةِ بَأَنْوَاعِهَا لِمُسْتَحَقِّهَا وَحْدَهُ  جَلَّ جلاله.
سُورَةُ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ:  سُمِّيَتْ بِجُزْءٍ مِنْهَا، أَيْ بِآيَةٍ مِنَ السُّورَة.
سُورَةُ التَّوْحِيد: لِأَنَّهَا تَشْتَمِلُ عَلَى إِثْبَاتِ أَنَّهُ تَعَالَى وَاحِدٌ أَحَدٌ.
سُورَةُ الأَسَاس: لاشْتِمَالِهَا عَلَى تَوْحِيدِ الله  الَّذِي هُوَ أَسَاُس الدِّين.
سُورَةُ الصَّمَد: لِذِكْرِ هَذَا الاسْمِ العَظِيم فِي هَذِهِ السُّورَة فَقَط.
2/عَدَدُ آيَاتِهَا وَتَرْتِيبُهَا:
أَرْبَعُ آيَات، وَتَرْتِيبُهَا فِي المُصْحَف:112 بَعْدَ سُورَةِ المَسَد، وَقَبْلَ سُورَةِ الفَلَق.
3/ سَبَبُ نُزُولِهَا:
عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ :انْسُبْ لَنَا رَبَّكَ.
فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، رواهُ الترمذي (3690)، وحسَّنَهُ الألباني في «ظلال الجنة» (663).
4/هَلْ هِيَ مَكِّيَةٌ أَمْ  مَدَنِيَّةٌ؟
قَالَ شَيْخُ الإِسْلَام ابنُ تَيْمِيَّة رحمه الله:
«وَسُورَةُ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، أَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ .
 وَقَدْ ذُكِرَ فِي أَسْبَابِ نُزُولِهَا سُؤَالُ الْمُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ وَسُؤَالُ الْكُفَّارِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ الْيَهُودُ بِالْمَدِينَةِ وَلَا مُنَافَاةَ، فَإِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَهَا بِمَكَّةَ أَوَّلًا ثُمَّ لَمَّا سُئِلَ نَحْوَ ذَلِكَ أَنْزَلَهَا مَرَّةً أُخْرَى .
 وَهَذَا مِمَّا ذَكَرَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَقَالُوا: إنَّ الْآيَةَ أَوْ السُّورَةَ قَدْ تَنْزِلُ مَرَّتَيْنِ وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَمَا يُذْكَرُ مِنْ أَسْبَابِ النُّزُولِ الْمُتَعَدِّدَةِ قَدْ يَكُونُ جَمِيعُهُ حَقًّا » «مجموع الفتاوى» (17/191).
5/مَقَاصِدُهَا:
التَّرْكِيزُ عَلَى إِثْبَاتِ تَفَرُّدِ الله بِالكَمَالِ وَ الأُلُوهِيَّة، وَ التَنَزُّهُ عَنْ كُلِّ النَّقَائِصِ.
6/ تَفْسِيرُهَا:
﴿قُلْ : أَيُّهَا الرَّسُولُ مُحَمَّد  قَوْلًا جَازِمًا بِه، مُعْتَقِدًا لَه، عَارِفًا بِمَعْنَاه، فَهُوَ خِطَابٌ لِلنَّبِيّ وَ لِأُمَّتِه.
﴿ اللَّهُ : أَصْلُهُ الإِلَه، اسْمٌ مِنْ أَسْمَائِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، إِلَيْهِ تَرْجِعُ جَمِيعُ الأَسْمَاء وَ إِلَيْهِ تُضَاف، وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ اسْمُ الله الأَعْظَم، وَمَعْنَاهُ كَمَا قَالَ ابنُ عَبَّاس ﭭ:« ذُو الأُلُوهِيَّة وَ العُبُودِيَّة عَلَى خَلْقِهِ أَجْمَعِين»«تفسير الطبري» (1/123).
فَهُوَ يَدُلُّ عَلَى الأُلُوهِيَّة الَّتِي هِيَ أَوْصَافُ الكَمَالِ لله تعالى الَّتِي اسْتَحَقَّ بِهَا أَنْ يُؤْلَه، وَأَنْ يُعْبَد، وَأَنْ يُخْضَعَ لَهُ وَيُذَلّ.
وَيَدُلُّ عَلَى العُبُودِيَّة الَّتِي هِيَ وَصْفُ العَبْدِ الَّتِي يَقْتَضِيهَا إِيمَانَهُ بِرَبِّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
﴿ أَحَدٌ: المُتَفَرِّدُ بِصِفَاتِ المَجْدِ وَالجَلَال، المُتَوَحِّدُ بِنُعُوتِ العَظَمَةِ وَالكِبْرِيَاء وَ الجَمَال، لَا نِدَّ لَهُ فِي أَسْمَائِهِ وَ صِفَاتِه، وَلَا فِي رُبُوبِيَّتِه، وَلَا فِي أُلُوهِيَّتِه جَلَّ وَعَلَا.
فَهُوَ وَاحِدٌ فِي ذَاتِهِ لَا شَبِيهَ لَه، وَوَاحِدٌ فِي صِفَاتِهِ لَا مَثيِلَ لَه، وَوَاحِدٌ فِي أَفْعَالِهِ لَا شَرِيكَ لَه، وَوَاحِدٌ فِي أُلُوهِيَّتِه فَلَيْسَ لَهُ نِدٌّ فِي المَحَبَّةِ وَ التَّعْظِيم وَالذُلِّ وَالخُضُوع.
﴿الصَّمَدُ: «السَّيِّدُ العَظِيمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي عِلْمِهِ وَ حِكْمَتِهِ وَ حِلْمِهِ وَ قُدْرَتِهِ وَ عِزَّتِهِ وَ عَظَمَتِهِ وَ جَمِيعَ صِفَاتِه، فَهُوَ وَاسِعُ الصِّفَات وَعَظِيمُها، الَّذِي صَمَدَتْ إِلَيْهِ جَمِيعُ المَخْلُوقَات، وَقَصَدَتْهُ كُلُّ الكَائِنَات بِأَسْرِهَا فِي جَمِيعِ شُؤُونِهَا، فَلَيْسَ لَهَا رَبٌّ سِوَاه، وَلَا مَقْصُودٌ غَيْره تَقْصِدُه وَ تَلْجَأُ إِلَيْه فِي إِصْلَاحِ أُمُورِهَا الدِّينِيَّة، وَفِي إِصْلَاحِ أُمُورِهَا الدُّنْيَوِيَّة، تَقْصِدُهُ عِنْدَ النَّوَائِبِ وَالمُزْعِجَات، وَتَضْرَعُ إِلَيْهِ إِذَا أَصَابَتْهَا الشَّدَائِدُ وَالكُرُبَات، وَتَسْتَغِيثُ بِهِ إِذَا مَسَّهَا المَصَاعِبُ وَ المَشَقَّات؛ لِأَنَّهَا تَعْلَمُ أَنَّ عِنْدَهُ حَاجَاتِهَا، وَلَدَيْهِ تَفْرِيجُ كُرُبَاتِهَا، لِكَمَالِ عِلْمِه، وَسِعَةَ رَحْمَتِه وَ رَأْفَتِه وَحَنَانِه، وَعَظِيمِ قُدْرَتِه وَ عِزَّتِه وَسُلْطَانِه»«فقه أسماء الله الحسنى»(ص133)، و«شرح الدروس المهمة لعموم الأمة» (ص37).
﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ: نَفْيٌ وَ تَنْزِيه لِلْأَصْلِ وَ الفَرْع، تَنَزَّهَ وَ تَقَدَّسَ عَنْ ذَلِك، لِكَمَالِ غِنَاه، فَهُوَ لَمْ يَلِدْ أَحَدًا، وَلَمْ يَلِدْهُ أَحَدٌ سُبْحَانَه، فَلَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَا وَالِد، وَلَا صَاحِبَة.
﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ:أَيْ لَا مَثِيلَ لَه، وَ لَا نِدَّ لَه، وَلَا سَمِيَّ لَه، وَتَنَزَّه عَنْ المِثَال وَالنِدَّ وَ النَّظِير، لَا فِي أَسْمَائِه وَ لَا فِي أَوْصَافِه، وَلَا فِي أَفْعَالِه، تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
7/ فَضَائِلُهَا:
أ/ تَعْدِلُ ثُلُثُ القُرْآن:
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً سَمِعَ رَجُلاً يَقْرَأُ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌيُرَدِّدُهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ :« وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ » رواهُ البخاري (5013).
وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: « أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ فِي لَيْلَةٍ ثُلُثَ الْقُرْآنِ ».
 قَالُوا: وَكَيْفَ يَقْرَأُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ؟
قَالَ: « ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌيَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ » رواهُ مسلم (811).
«مَعْنَاهُ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: ثُلُثٌ مِنْهَا الْأَحْكَامُ، وَثُلُثٌ مِنْهَا وَعْدٌ وَوَعِيدٌ، وَثُلُثٌ مِنْهَا الْأَسْمَاءُ وَالصِّفَاتُ، وَهَذِهِ السُّورَةُ جَمَعَتْ الْأَسْمَاءَ وَالصِّفَاتِ»«مجموع الفتاوى» (17/103).
ب/نَيْلُ مَحَبَّةِ الله:
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ بَعَثَ رَجُلاً عَلَى سَرِيَّةٍ، وَكَانَ يَقْرَأُ لأَصْحَابِهِ فِي صَلاَتِهِ فَيَخْتِمُ بِـ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌفَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ فَقَالَ: « سَلُوهُ لأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ » .
فَسَأَلُوهُ، فَقَالَ: لأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا .
فَقَالَ النَّبِيُّ :« أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ » رواهُ البخاري(7375)، ومسلم (813).
ج/ حُبُّهَا يُدْخِلُ الجَنَّة:
 عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يَؤُمُّهُمْ فِي مَسْجِدِ قُبَاءَ فَكَانَ كُلَّمَا افْتَتَحَ سُورَةً يَقْرَأُ لَهُمْ فِي الصَّلاَةِ فَقَرَأَ بِهَا افْتَتَحَ بـ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا ثُمَّ يَقْرَأُ بِسُورَةٍ أُخْرَى مَعَهَا، وَكَانَ يَصْنَعُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، فَكَلَّمَهُ أَصْحَابُهُ فَقَالُوا: إِنَّكَ تَقْرَأُ بِهَذِهِ السُّورَةِ ثُمَّ لاَ تَرَى أَنَّهَا تُجْزِيكَ حَتَّى تَقْرَأَ بِسُورَةٍ أُخْرَى فَإِمَّا أَنْ تَقْرَأَ بِهَا وَإِمَّا أَنْ تَدَعَهَا وَتَقْرَأَ بِسُورَةٍ أُخْرَى.
قَالَ: مَا أَنَا بِتَارِكِهَا إِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ أَؤُمَّكُمْ بِهَا فَعَلْتُ وَإِنْ كَرِهْتُمْ تَرَكْتُكُمْ.
 وَكَانُوا يَرَوْنَهُ أَفْضَلَهُمْ وَكَرِهُوا أَنْ يَؤُمَّهُمْ غَيْرُهُ، فَلَمَّا أَتَاهُمُ النَّبِيُّ أَخْبَرُوهُ الْخَبَرَ فَقَالَ: « يَا فُلاَنُ مَا يَمْنَعُكَ مِمَّا يَأْمُرُ بِهِ أَصْحَابُكَ وَمَا يَحْمِلُكَ أَنْ تَقْرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ؟ ».
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُحِبُّهَا.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ :« إِنَّ حُبَّهَا أَدْخَلَكَ الْجَنَّةَ » رواهُ الترمذي (3147)، وصحَّحَهُ الألباني في المشكاة (2130).
د/ قَصْرٌ فِي الجَنَّة:
عَنْ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيّ رضي الله عنه صَاحِبِ النَّبِيِّ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: « مَنْ قَرَأَ: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حَتَّى يَخْتِمَهَا عَشْرَ مَرَّاتٍ بَنَى اللَّهُ لَهُ قَصْراً فِي الْجَنَّةِ » رواهُ أحمد (16015)، وحسَّنَهُ الألباني في « السلسة الصحيحة» (589).
هـ/ تَضَمَّنَتْ اسْمَ الله الأَعْظَم:
 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيّ  عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعَ النَّبِيُّ رَجُلاً يَدْعُو وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ الأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ.
قَالَ: فَقَالَ: « وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ سَأَلَ اللَّهَ بِاسْمِهِ الأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ، وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى » رواهُ أبو داود (1495) الترمذي (3812)، وابن ماجة (3990)، وصحَّحَه الألباني في صحيح أبي داود (1341).
8/ مَوَاضِعُ قِرَاءَتِهَا:
أ/ فِي الصَّبَاحِ وَ المَسَاء:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خبيب رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْنَا فِي لَيْلَةِ مَطَرٍ وَظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ نَطْلُبُ رَسُولَ اللَّهِ لِيُصَلِّيَ لَنَا فَأَدْرَكْنَاهُ فَقَالَ: « أَصَلَّيْتُمْ؟ ».
 فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، فَقَالَ: « قُلْ ».
 فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: « قُلْ ».
 فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: « قُلْ ».
فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَقُولُ؟
 قَالَ: « ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِي وَحِينَ تُصْبِحُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ » رواهُ أبو داود (5082)، والترمذي (3575)، وصحَّحَه الألباني في «صحيح الترغيب و الترهيب» (649).
ب/ بَعْدَ الصَّلَوَات:
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ: «أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ   أَنْ أَقْرَأَ الْمُعَوِّذَاتِ دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ» رواهُ أبو داود (1523)، و النّسائي (1336)، وصحَّحه الألباني في «صحيح أبي داود» (134).
« وَيُحْتَمَلُ أَنَّ المُرَادَ بِالمُعَوِّذَات هَاتَانِ السُّورَتَان ( الفلق والناس)، مَعَ سُورَةِ الإِخْلَاص، وَأُطْلِقَ ذَلِكَ تَغْلِيبًا، وَهَذَا هُوَ المُعْتَمَد »« فتح الباري » (8/131).
ج/ قَبْلَ النَّوْم:
عَنْ أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَة رضي الله عنها « أنَّ النَّبِيّ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا، فَقَرَأَ: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، و ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ، و﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ، يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ » رواهُ البخاري (5017)، ومسلم (2192).
د/ عِنْدَ الرُّقْيَةِ:
لِدَلَالَةِ الحَدِيثِ السَّابِق.
قَالَ شَيْخُ الإِسْلَام ابْنُ تَيْمِيَّة رحمه الله: «وَكَانَ بَعْضُ الشُّيُوخُ يَرْقِي بـ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَكَانَ لَهَا بَرَكَةٌ عَظِيمَة » «مجموع الفتاوى» (17/139).
هـ/ رَكْعَتَيْ الطَّوَاف:
عَنْ جَابِر رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَ ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾    ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْبَابِ إِلَى الصَّفَا» رواهُ مسلم (1218).
و/ رَاتِبَتَيْ الفَجْر وَ المَغْرِب:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَرَأَ فِي رَكْعَتَي الْفَجْرِ: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾   وَ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ رواهُ مسلم (727).
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ مَا أُحْصِي مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الْفَجْرِ بِـ ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾   وَ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ رواهُ الترمذي (431)، وابن ماجة (1166).
هـ/ فِي صَلَاةِ الوِتْر:
 عن عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: سَأَلْنَا عَائِشَةَ رضي الله عنها بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ يُوتِرُ رَسُولُ اللَّهِ ؟
 قَالَتْ: «كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى بِـ ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى،وَ فِي الثَّانِيَةِ ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾  وَ فِي الثَّالِثَةِ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ» رواهُ أبو داود (1426)، والترمذي (465)، وابن ماجة (1227)، وصحَّحَهُ الألباني في «صحيح أبي داود» (1280).
و عند النسائي (1710)، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يُوتِرُ بِثَلاَثِ رَكَعَاتٍ كَانَ يَقْرَأُ فِي الأُولَى بِـ ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَ فِي الثَّانِيَةِ بِـ ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾  وَ فِي الثَّالِثَةِ بِـ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ  .
وَفِي الخِتَام:
إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الحِرْمَان أَنْ يَقْرَأَ الإِنْسَانُ كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا القُرْآن..الَّذِي فِيهِ السَّكِينَةُ وَالاطْمِئْنَان:﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ   [الرعد].
وَمَنْ عَاشَ عَلَى  تَعَالِيمِ القرآن مَاتَ عَلَى ذَلِك..خَتَمَ الله لَنَا وَلَكُمْ بِالحُسْنَى.
قِصَّةٌ مُؤَثِّرَةٌ:
«قَالَ مُحَمَّدُ بن ثَابِت البُنَانِيّ رحمه الله: ذَهَبْتُ أُلَقِّنُ أَبِي وَهُوَ فِي المَوْت؛
 فَقُلْتُ: يَا أَبَتِ قُلْ لَا إِلَه إِلَّا الله.
 فَقَالَ: يَا بُنَيّ خَلِّ عَنِّي فَإِنِّي فِي وِرْدِي السَّادِس أَوْ السِّابِع»«صفة الصفوة» (3/263).
«يَا مَنْ يُعَاتِبُه القُرْآن وَقَلْبُهُ غَافِل، وَتُنَاجِيهِ الآيَاتُ وَفَهْمُهُ ذَاهِل، اعْرِفْ قَدْرَ المُتَكَلِّم وَقَدْ عَرَفْتَ الكَلَام، وَأَحْضِرْ قَلْبَكَ الغَائِبَ وَقَدْ فَهِمْتَ المَلَام»«التبصرة» (1/333).
وَصَلَّى الله عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَ عَلَى آله وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين.























تابع القراءة ....

 
© 2009/ 11/25 *هذا القالب من تصميمى * ورود الحق