الأربعاء، 29 أغسطس 2012

لطائف قرآنية:25: سجود وركوع

 قال أبو القسم السهيلي:« "ومما قدم بالفضل قوله: ﴿ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ [آل عمران: 43] لأن السجود أفضل و"أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد"
 فإن قيل: فالركوع قبله بالطبع والزمان والعادة لأنه انتقال من علو إلى انخفاض والعلو بالطبع قبل الانخفاض فهلا قدم الركوع؟
 الجواب أن يقال انتبه لمعنى الآية من قوله ﴿ وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ ولم يقل: "اسجدي مع الساجدين" فإنما عبر بالسجود عن الصلاة وأراد صلاتها في بيتها، لأن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها مع قومها ثم قال: لها ﴿ وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ أي: صلي مع المصلين في بيت المقدس، ولم يرد أيضا الركوع وحده دون أجزاء الصلاة ولكنه عبر بالركوع عن الصلاة كما تقول: ركعت ركعتين وأربع ركعات، تريد الصلاة لا الركوع بمجرده فصارت الآية متضمنة لصلاتين، صلاتها وحدها عبر عنها بالسجود لأن السجود أفضل حالات العبد، وكذلك صلاة المرأة في بيتها أفضل لها ثم صلاتها في المسجد عبر عنها بالركوع لأنه في الفضل دون السجود وكذلك صلاتها مع المصلين دون صلاتها وحدها في بيتها ومحرابها" وهذا نظم بديع وفقه دقيق» [بدائع الفوائد(1/63)]
تابع القراءة ....

لطائف قرآنية:24:أدب رفيع

قال الله تعالى:﴿ أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً [الكهف:79]
قال الإمام القرطبي رحمه الله:
« إن قال قائل: كيف أضاف الخضر قصة استخراج كنز الغلامين لله تعالى، وقال في خرق السفينة: ﴿فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا﴾ فأضاف العيب إلى نفسه؟
 .. لما كان ذلك خيرا كله أضافه إلى الله تعالى وأضاف عيب السفينة إلى نفسه رعاية للأدب، لأنها لفظة عيب فتأدب بأن لم يسند الإرادة فيها إلا إلى نفسه، كما تأدب إبراهيم عليه السلام في قوله: ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾ فأسند الفعل قبل وبعد إلى الله تعالى، وأسند إلى نفسه المرض، إذ هو معنى نقصى ومصيبة، فلا يضاف إليه سبحانه وتعالى من الألفاظ إلا ما يستحسن منها دون ما يستقبح» [(الجامع لأحكام القرآن) (11/39)]
تابع القراءة ....

لطائف قرآنية:23: نور على نور

قال الإمام ابن القيم رحمه الله:« (غض البصر) يورث القلب نورا وإشراقا يظهر في العين، وفي الوجه وفي الجوارح، كما أن إطلاق البصر يورثه ظلمة تظهر في وجهه وجوارحه، ولهذا والله أعلم ذكر الله سبحانه آية النور في قوله تعالى:
﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عقيب قوله:﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ »[ روضة المحبين ونزهة المشتاقين ص101]
تابع القراءة ....

الاثنين، 27 أغسطس 2012

...لم يضره سم ولاسحر..

حدثني الشيخ عادل المقبل حفظه الله قال :
كنت يوما أثناء رحلة دعوية...في إحدى المناطق في أدغال إفريقيا....كان يوما ممطرا ...كانت الأمطار تسقط بشدة...
عند عودتنا إلى محل إقامتنا ....حدث ما لم يكن في الحسبان..توقفت السيارة عن السير ...بل تعسرت الحركة ...كل ذلك بسب الأوحال الكثيرة ....
نزلنا وبدأنا بالحفر للعجلات ...حتى نستطيع إخراج السيارة من الوحل...وفي هذا الوقت بالذات لدغت...ولا أدري ما لدغني ...لعله ثعبان أو شيء من هذا القبيل.....
أصبحت أشعر بألم شديد ...بل أصبحت أشعر بأثر السم في جسمي
أما الذين كانوا معي...أصابهم هم كبير...و غم كثير.. لأنهم رأوا أن الأمر يستدعي موت محقق...
نظرت إليهم مبتسما ... وقلت:إني أبشركم أنه صح الخبر عن سيد البشر فداه أبي وأمي صلى الله عليه وسلم قال:((من تصبح سبع تمرات من عجوة لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر))
 رواه البخاري (5130) ومسلم (5460)
 وأبشركم أني متصبح بها ....والله لن يضرني شيء.....بعد فترة قليلة وإذا بالسم قد اجتمع في أسفل قدمي.....وأنا أنظر إليه.... بعد حوالي ساعة كأنه لم يكن شيئا....
وصدق الله العظيم لما وصف نبيه صلى الله عليه وسلم فقال :{ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}[النجم:3ـ4]
تابع القراءة ....

الأحد، 26 أغسطس 2012

التقوى حقيقتها وأثر تحقيقها

عباد الله: اتقوا الله  القائل:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾
التقوى: وصية رب العالمين للأولين والآخرين﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ ﴾
التقوى: وصية الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ*إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ﴾وقال سبحانه:﴿كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ* إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴾ وقال عزوجل:﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ*إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴾ قال الله تعالى:﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ*إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴾
التقوى: أجمل لباس، يلبسه الناس﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْر﴾
إذا المرء لم يلبس ثيابا من التقى *** تجرد عريانا وإن كان كاسيا
وخير خصال المرء طاعة ربه *** ولا خير فيمن كان لله عاصيا
التقوى: أفضل زاد، في المعاش ويوم المعاد﴿وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ﴾
تزوَّد من التقوى فإنك لا تدري *** إن جنَّ ليلٌ هل تعيشُ إلى الفجرِ
 التقوى مفتاح لكل باب، ورزق بلا حساب﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾
بالتقوى تيسير العسير، بالتقوى توسيع المضايق، ومفتاح المغالق  ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً﴾
بالتقوى تُغفر السيئات، وتضاعف الحسنات﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً﴾

تابع القراءة ....

الأخوة الإيمانية

قال الله تعالى:﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ إن الرابطة الإيمانية، والأخوة الإسلامية، أقوى من الروابط المادية،والمصالح الشخصية، المؤمن يحب لإخوانه ما يحبه لنفسه، يفرح لفرحهم، ويحزن لحزنهم، ويتألم لآلامهم، ويطمح لآمالهم، مثله معهم كما قال صلى الله عليه وسلم:" مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِى تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى " وقَالَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم « إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا »
إن أخاك الحق من كان معك *ومن يضر نفسه لينفعك
ومن إذا ريب الزمان صدعك* تشتت فيه شمله ليجمعك
تابع القراءة ....

خاطرة: ماذا بعد رمضان؟

 هذا نداء حاني إلى كل إخواني: ﴿فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ ﴾
إلى المجتهد في الطاعات في مختلف الأوقات ثبتك الله حتى الممات، هنيئا لك على جدك و اجتهادك، واحمد الله على توفيقك..حقا أنت مفخرة الإسلام: جمعت بين الصيام والقيام، والإطعام وإفشاء السلام، وجميل الكلام، ومع كل هذا الإحسان، وكثرة الخطى إلى بيوت الرحمن لم يغرّك عملك ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ﴾
 بل شعرت بالسكينة والراحة والطمأنينة ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾
الله أكبر، كان رمضان مضمارا يتنافس فيه المتنافسون، ويتسابق فيه المتسابقون، كم من أكف ضارعة رفعت، ودموع ساخنة ذرفت، وعبرات حرى سُكِبَت.
فإذا كنت أنت الأول في السباق المرتقي للعلياء، فكيف لا أجعلك الأول في النداء....
إلى من فتح صفحة جديدة في رمضان، يا من كان هاجرا للقرآن هاهو يختمه مرات وكرات في رمضان، يا من كان لا يصلي في المساجد كم رأيناك في هذا الشهر وأنت راكع ساجد، هنيئا لك تطليقك طريق الأشرار، والتحاقك بدرب الأخيار، هنيئا لك التوبة من العزيز الغفار واسمع لهذه البشرى ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾
وهذه بشرى من النبي الحبيب إليك أخي الحبيب..
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: « التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لاَ ذَنْبَ لَهُ »
زودك الله التقوى، وغفر ذنبك وستر عيبك وأنار دربك وثبَّت سيرك..
إلى من غرق في بحر الشهوات، إلى أسير المعاصي والشهوات، إلى متى؟  إلى متى؟
أيها القائم على سوق الشهوات في سوق الشبهات ناسيا سوق المُلِمَات إلى ساقي الممات، إلى كم مع الخطأ بالخطوات إلى الخطيئات، كم عاينت حيا فارق حيا وكفًّا كُفَّتْ بالكِفَاتِ
ما أقل اعتبارنا بالزمان* وأشد اغترارنا بالأماني
وقفات على غرور وأقدام * على مزلق من الحدَثان
في حروب من الردى وكأنا * اليوم في هدنة مع الأزمان
وكفانا مذكرا بالمنايا * علمنا أننا من الحيوان
يا عاصيا بالأمس أين الالتذاذ، يا مطالبا بالجرم أين المعاذ؟ يا متمسكا بالدنيا حبلها جذاذ ما راعت من راعت من المحبين ولا الشذاذ، ،تذكر ضمة ما نجا منها سعد بن معاذ، ألا يلين القلب أصخر أم فولاذ؟ تدعي العجز عن الطاعة وفي المعاصي أستاذ..
كم فقدت من قريب، وكم دفنت من حبيب، ولكن تذكر أن الموت أمرٌ كُبَّار وكأسٌ يُدار، يخرجُ بصاحبه إلى الجنةِ أو إلى النار، ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِى وُكّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾
يا من شاب وما تاب أموقن أنت أم مرتاب من آمن بالسؤال أعد الجواب.
فخذ للسير أهبته وبادر * وجود جمع رحلك للذهاب
فقد جد الرحيل وأنت ممن* يسير على مقدمة الرُكّاب.
فارجع إلى ربك اليوم قبل الغد، فباب التوبة مفتوح مالم يأتي الأجل، ﴿حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ *لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾
فليكن لسان حالك كقول القائل:
يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة ……فلقد علمت بأن عفوك أعظم
إن كان لا يرجوك إلا محسن……فبمن يلوذ ويستجير الآثم
ربي دعوتك ما أمرت تضرعا……فإن رددت يدي فمن ذا يرحم
ما لي إليك وسيلة إلا الرجا……وجميل عفوك ثم إني مسلم
فمن يا ليس لي منه مجير……بعفوك من عذابك أستجير
أنا العبد المقر بكل ذنب …… وأنت السيد المولى الغفور
فإن عذبتني فبسوء فعلي……وإن تغفر فأنت به جدير
أفر إليك منك وأين إلا……إليك يفر منك المستجير
تابع القراءة ....

السبت، 11 أغسطس 2012

لم يبق منه إلا القليل...

قال الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله:
« عباد الله إن شهر رمضان قد عزم على الرحيل و لم يبق منه إلا القليل، فمن منكم أحسن فيه فعليه التمام و من فرط فليختمه بالحسنى و العمل بالختام، فاستغنموا منه ما بقي من الليالي اليسيرة و الأيام، و استودعوه عملا صالحا يشهد لكم به عند الملك العلام، و ودعوه عند فراقه بأزكى تحية و سلام..
سلام من الرحمن كل أوان* على خير شهر قد مضى و زمان
سلام على الصيـام فإنه * أمـان من الرحمن كل أمـان  
لئن فنيت أيامك الغر بغتة * فما الحزن من قلبي عليك بفان
 لقد ذهبت أيامه و ما أطعتم و كتبت عليكم فيه آثامه و ما أضعتم، و كأنكم بالمشمرين فيه و قد وصلوا و انقطعتم ،أترى ما هذا التوبيخ لكم أو ما سمعتم..
ما ضاع من أيامنا هل يعـزم* هيهات و الأزمان كيف تقوم
يوم بأرواح تبـاع و تشترى* و أخوه ليس يسام فيه درهم
 قلوب المتقنين إلى هذا الشهر تحن و من ألم فراقه تئن...
دهاك الفراق فما تصـنع * أتصبر للبين أم تجزع
إذا كنت تبكي وهم جيرة *فكيف تكون إذا ودعوا
 كيف لا تجرى للمؤمن على فراقه دموع و هو لا يدري هل بقي له في عمره إليه رجوع.
تذكرت أياما مضت و لياليا* خلت فجرت من ذكرهن دموع
ألا هل لها يوما من الدهر عودة* و هل لي إلى يوم الوصال رجوع
و هل بعد إعاض الحبيب تواصل* و هل لبدور قد أفلن طلوع
[لطائف المعارف فيما لمواسم العام من وظائف ص292]
تابع القراءة ....

من جميل كلام الإمام محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله:7: (فتح مكة)

«نفحات مسكية، من الآفاق المكية، ما زالت تخترق المناهل، وتستقري المعالم والمجاهل، كلما أطلنا هذا الشهر المبارك الذي تتفتح فيه أبواب السماء بالخير والرحمة، ومن الخير للإسلام والرحمة به فتح مكة على حبيب الله ومصطفاه محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - في العام الثامن للهجرة.
لا، بل نفحات عنبرية، من شمائل خير البرية، ما زال يطوف طائفها على قلوبنا المكلومة ونفوسنا المريضة وأرواحنا المتألمة، فينضحها بالروح والريحان ويطربها من سورة الفتح بأرق الألحان، ويفضها بنعمة العافية، ويمسح عليها باليد الشافية، ويفرغ عليها من القوّة ما يعيد إليها الشباب.
لا، بل ذكريات من ذلك الفتح الأغر المحجل، بذلك النصر العزيز المعجل، يعيدها علينا شهر رمضان كلما أقبلت مواكبه، وأشرقت في أفق الدهر العاتم كواكبه، وعادت بحسن الإياب، بعد طول الغياب، سفنه غانمة ومراكبه.
لا، بل صفحات مجلوة، وأخبار متلوة، وحقائق عن الإسلام وحماته الأعلام شهد لها القرآن، فأصبحت بحياطته يخص بها بريد الزمن، وسائقه المؤتمن، إلى القلوب الجريحة فتقر، وإلى العيون الطريحة فتقر، وإلى الجنوب النابية فتستقر.. »[آثَارُ الإِمَام مُحَمَّد البَشِير الإِبْرَاهِيمِي (5/86)]
تابع القراءة ....

 
© 2009/ 11/25 *هذا القالب من تصميمى * ورود الحق