الأحد، 26 نوفمبر 2017

الرقية الشرعية بين الواقع والمأمول

لحمد لله مزيل الهم وكاشف الغم، أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره فهو مولي النعم وصارف النقم.
والصلاة والسلام على إمام المرسلين، وسيد الأولين والآخرين وقائد الغر المحجلين، محمد بن عبد الله عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأزكى التسليم، أما بعد:
فقد كثر في الآونة الأخيرة الحديث عن الرقية الشرعية، وازدحمت أبواب الرقاة بالناس صغار وكبارا، نساء ورجالا، وإن كنا لا ننكر أن الله سبحانه وتعالى قد نفع بالكثير من الرقاة الأفاضل إلا أنه اختلط الأمر على عوام الناس وأصبح الكثير منهم لا يفرق بين الراقي الشرعي، وبين الساحر والكاهن خاصة وأن هذا الأخير أصبح يستعمل القرآن لتمويه وخداع زبائنه والله المستعان.
فكان لزاما علينا أن نبين ولو بشيء من الاختصار الفرق بين الرقية الشرعية والرقية الشركية، علما أنه سبق لنا نشر موضوع بالتفصيل عن السحر وخطره وضرره.
كما أنه من أسباب اختلاط الحابل بالنابل في مفاهيم الكثير، عدم توضيح طريقة الرقية الشرعية للمرضى، فترى الواحد منهم قد يتجشم المسافات الطويلة ليطلب من الراقي أن يرقي له قارورة ماء، وهو في الحقيقة قد تكون رقيته شخصيا للماء أنفع.
كما أنه من الأسباب أن بعض الناس يظن أن الرقية أمر جد صعب ويتطلب حفظ آيات مخصصة في كتاب الله، ولم يدر أن ما عنده في صدره من القرآن (آية الكرسي، الفلق، الناس..) جد نافع وللمرض رافع بإذن الله تعالى.


المبحث الأول:
الرقية الشرعية:
تعريفها:
لغة: قال في لسان العرب (14/331): «يقال رَقَى الراقي رُقْيةً ورُقِيّاً إذا عَوَّذَ ونَفَثَ في عُوذَتِه»
وقال الفيومي في المصباح المنير (1/236): «أَرْقِيهِ ) ( رَقْيًا ) من باب رمى عوذته بالله والاسم ( الرُّقْيَا ) على فعلى والمرة ( رُقْيَةٌ ) والجمع ( رُقًى ) مثل مدية ومدى»
شرعا: هي التعاويذ بالآيات القرآنية والأذكار والأدعية القرآنية بمعنى:«تعويذ المريض بقراءة شيء من القرآن الكريم، وأسماء الله وصفاته، مع الأدعية الشرعية باللسان العربي مع النفث.
وتسمى أيضا العوذة، والنشرة، والعزائم.. وهو العلاج بالقرآن الكريم والسنة النبوية»[شفاء المؤمن ص 16]

متى تكون الرقية شرعية؟
تكون رقية شرعية إذا «كانت من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما لا يخالفها من الأدعية المعروفة، فهي مقبولة في الشرع» [المرجع السابق ص 17]
حكم الرقية الشرعية:
«فقد أباح الله سبحانه وتعالى لعباده التداوي، وجاءت النصوص في بيان مشروعيته، ففي صحيح مسلم رحمه الله من حديث جابر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لِكلِّ داءٍ دواءٌ، فإذا أُصِيبَ دَواءُ الدَّاءِ بَرِئ بإذْنِ اللهِ عز وَجَل "وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إنَّ اللهَ خَلَق الدَّاءَ والدَّوَاء، فتَدَاوَوا ولا تَتَداوَوا بِحَرَام "
وإنَّ من أعظم ما يُتداوى به في العِلَلِ عامةً، وفي العين والحسد والسحر والمس خاصةً كلام الله تعالى؛ ففيه الشفاء التام من كل هذه الأمراض، وهل أنفع من أن يُنَفِّس المسلمُ عن أخيه المسلمَ برقية من كتاب ربه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم لمن نزل به مرض أو علة أو يرقيه علاجاً للسحر أو للصرْع أو للعين أو للحسد، فأي شفاء لهذه الأمراض خير من كلام ربنا سبحانه وسنة المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه»[المرجع السابق ص 28]
وفي قوله صلى الله عليه وسلم:»لِكلِّ داءٍ دواءٌ»" تقويةٌ لنفس المريضِ والطبيبِ، وحثٌ على طلبِ ذلك الدواءِ والتفتيشِ عليه، فإنَّ المريض إذا استشعرتْ نفسُه أن لِدائه دواءً يُزيله، تعلَّق قلبُه بروح الرجاء، وبَردت عنده حرارة اليأس، وانفتَحَ له بابُ الرجاء، ومتى قَويتْ نفسُه انبعثتْ حرارتُه الغريزية، وكان ذلك سبباً لقوة الأرواح الحيوانية والنفسانية والطبيعية، ومتى قويتْ هذه الأرواح، قويت القُوَى التي هي حاملةٌ لها، فقهرت المرضَ ودفعتْه.وكذلك الطبيبُ إذا علم أنَّ لهذا الداءِ دواءً أَمكنه طلبُه والتفتيشُ عليه. وأمراضُ الأبدان على وِزَانِ أمراض القلوب، وما جعل الله للقلب مرضاً إلا جعل له شفاءً بضده، فإنْ علمه صاحبُ الداء واستعمله، وصادف داءَ قلبِه، أبرأه بإذن الله تعالى" قاله الإمام ابن القيم رحمه الله في [زاد المعاد في هدي خير العباد (4/17)]
عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ لَدَغَتْ رَجُلاً مِنَّا عَقْرَبٌ وَنَحْنُ جُلُوسٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرْقِي؟ قَالَ: «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ» رواه مسلم
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:»فَهَذَا مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ وَهُوَ مِنْ أَعْمَالِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ؛ فَإِنَّهُ مَا زَالَ الْأَنْبِيَاءُ وَالصَّالِحُونَ يَدْفَعُونَ الشَّيَاطِينَ عَنْ بَنِي آدَمَ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ» [مجموع الفتاوى (19/56)]
وقال الإمام البغوي رحمه الله: «فأما ما كان بالقرآن، وبذكر الله عز وجل، فإنه جائز مستحب» [شرح السنة (12/159)]

شروط الرقية الشرعية:
قال الإمام ابن حجر رحمه الله تعالى:»وقد أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع ثلاثة شروط:
 أن يكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته
وباللسان العربي أو بما يعرف معناه من غيره
 وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بذات الله تعالى واختلفوا في كونها شرطا والراجح أنه لا بد من اعتبار الشروط المذكورة»[فتح الباري بشرح صحيح البخاري (10/195)]
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: [وَأَمَّا مُعَالَجَةُ الْمَصْرُوعِ بِالرُّقَى وَالتَّعَوُّذَاتِ... فَإِنْ كَانَتْ الرُّقَى وَالتَّعَاوِيذُ مِمَّا يُعْرَفُ مَعْنَاهَا وَمِمَّا يَجُوزُ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهَا الرَّجُلُ دَاعِيًا اللَّهَ ذَاكِرًا لَهُ وَمُخَاطِبًا لِخَلْقِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُرْقَى بِهَا الْمَصْرُوعُ وَيُعَوَّذَ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَّهُ أَذِنَ فِي الرُّقَى مَا لَمْ تَكُنْ شِرْكًا»، وَقَالَ: «مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ»][مجموع الفتاوى (24/277)]

صفات الراقي الشرعي:
قال العلامة صالح آل الشيخ حفظه الله: «أولا: مخلصا لله جل وعلا؛ يعني يكون بعمله وأقواله ليس من أهل الشرك، وإنما هو من أهل التوحيد والإخلاص، وأيضا إذا رقى أحد فيخلص الاستعانة والاستعاذة بالله جل وعلا في الانتفاع بهذه الرقية.
الخصلة الثانية: من صفات الراقي أن يكون ذا علم، والمقصود بالعلم هنا العلم المقيد؛ يعني أن يكون ذا علم في أنَّ الرقية مشروعة، تكون الرقية بالقرآن, بما ثبت في السنة, بالأدعية المعروفة، يكون ذا علم؛ يعلم أنّ هذه الرقية مشروعة، عرضها على الصفة الثالثة: أن يكون يقصد النفع، هذه صفة مستحبة أن يقصد نفع إخوانه نفع المحتاج، وهذا دل عليه حديث جابر رضي الله عنه بل عنهما رضي الله عنهما قال (مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ) ونفع الإخوان نفع المحتاج نفع المريض إحسان ولو أخذ عليه جعلا لكن النفع إحسان والإحسان مطلوب بين العباد، وأحب العباد إلى الله أنفعهم إلى عباد الله.
ومن صفات الراقي: أن يكون معلقا المرقي بالله جل وعلا، لا يعلق المرقي لا يعلق المريض بنفسه، ويأتي يعمل على نفسه حالة من العظمة ومن الانتفاع بالرقية، ويحدث بأحاديث: أنا شفيت من مرض كذا وأنا قرأت وشفيت من السرطان وأنا قرأت على فلان وشفيت من مرض كذا ويعظم نفسه عند من يقرأ عليه، من صفات الراقي المحمود أن يكون ذا خشوع وخضوع وإخبات لله جل وعلا، وأن لا يتعاظم ويعظم نفسه، وينفع بما أعطاه الله جل وعلا ولا يعظم نفسه، يعلق الناس به؛ بل يعلق الناس بالأذكار المشروعة والأوراد التي ثبتت في السنة ونحو ذلك، ويأمرهم بالخير وينهاهم عن الشر،ويفتح لهم أسباب الخير، لهذا صار كثير ممن رأينا، خاصة الجهلة والنساء يتعلقون بالراقي من حيث هو، فلان رقيته كذا وربما ما قرأ كلمة أبدا، أو ربما قرأ شيئا يسيرا ونحو ذلك؛ يعني ما اجتهد وتحرى الصواب وتحرى الآيات التي تنفع ونحو ذلك، وإنما هكذا بالاسم، وهذا غير محمود؛ بل الذي ينبغي أن ينصح الراقي الناس بأن النافع هو الله جل وعلا، وأنا صاحب سبب والرقية أيضا سبب، ويعلمهم الأوراد المحمودة ويعلمهم الخير وينهاهم عن الشر.
وأيضا من صفات الراقي: أن يكون متنزها عن موارد الزلل والفتنة، خاصة في الرقية على النساء؛ لأن الشيطان ربما دخل على الإنسان من جهة الرقية في الخلوة بالمرأة، أو في وضع يده على المرأة، أو نحو ذلك مما يبغي عنه شرعا»[من محاضرته بعنوان: الرقى وأحكامها]
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله:»وعِلاجُ هذا النوع يكون بأمرين: أمْرٍ من جهة المصروع، وأمْرٍ من جهة المعالِج، فالذي من جهة المصروع يكون بقوةِ نفسه، وصِدْقِ توجهه إلى فاطر هذه الأرواح وبارئها، والتعوُّذِ الصحيح الذي قد تواطأ عليه القلبُ واللِّسان، فإنَّ هذا نوعُ محاربةِ، والمحَارب لا يتمُّ له الانتصاف من عدوه بالسلاح إلا بأمرين: أن يكون السلاح صحيحاً فى نفسه جيداً، وأن يكون الساعدُ قوياً، فمتى تخلَّف أحدُهما لم يُغن السلاح كثيرَ طائلٍ، فكيف إذا عُدِمَ الأمران جميعاً: يكونُ القلب خراباً من التوحيد، والتوكل، والتقوى، والتوجه، ولا سلاحَ له.
والثاني: من جهة المعالِج، بأن يكون فيه هذان الأمران أيضاً، حتى إنَّ من المعالجينَ مَن يكتفي بقوله: "اخرُجْ منه"، أو بقول: "بِسْمِ الله"، أو بقول: "لا حَوْل ولا قُوَّة إلا بالله"، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقولُ: "اخْرُجْ عَدُوَّ اللهِ، أنا رَسُولُ اللهِ"«[زاد المعاد في هدي خير العباد(4/67)]


هل يجوز أخذ مقابل على الرقية الشرعية؟
عمدة الذين يرون أخذ الأجرة على الرقية الشرعية ما ورد في الحديث:
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَهْطًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم انْطَلَقُوا فِي سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا فَنَزَلُوا بحي مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَاسْتَضَافُوهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ - قَالَ - فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الحي فَشَفَوْا لَهُ بِكُلِّ شيء لاَ يَنْفَعُهُ شيء.
فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلاَءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا بِكُمْ لَعَلَّ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شيء يَنْفَعُ صَاحِبَكُمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ فَشَفَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شيء فَلاَ يَنْفَعُهُ شيء فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ شيء يَشْفِى صَاحِبَنَا يَعْنِى رُقْيَةً. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ إني لأَرْقِى وَلَكِنِ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَأَبَيْتُمْ أَنْ تُضَيِّفُونَا مَا أَنَا بِرَاقٍ حَتَّى تَجْعَلُوا لي جُعْلاً. فَجَعَلُوا لَهُ قَطِيعًا مِنَ الشَّاءِ فَأَتَاهُ فَقَرَأَ عَلَيْهِ بِأُمِّ الْكِتَابِ وَيَتْفُلُ حَتَّى بَرِئَ كَأَنَّمَا أُنْشِطَ مِنْ عِقَالٍ فَأَوْفَاهُمْ جُعْلَهُمُ الذي صَالَحُوهُ عَلَيْهِ. فَقَالُوا اقْتَسِمُوا فَقَالَ الذي رَقَى لاَ تَفْعَلُوا حَتَّى نأتي رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَنَسْتَأْمِرَهُ، فَغَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرُوا لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مِنْ أَيْنَ عَلِمْتُمْ أَنَّهَا رُقْيَةٌ أَحْسَنْتُمْ وَاضْرِبُوا لي مَعَكُمْ بِسَهْمٍ» رواه البخاري ومسلم.
ولكن على القول بجواز «أخذ العوض عن الرقية الشرعية على سبيل الجعل، والعوض لا يستحق إلا بعد إنجاز العمل على نحو ما اشترطه العاقد، أي بعد السلامة من المرض وزوال أثره» [المنية في توضيح ما أشكل من الرقية ص 50]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «وكان الْجُعْل على عافيةِ مريض القوم لا على التلاوة» [مجموع الفتاوى (18/128)]، وقال أيضاً: «فإن الْجُعل كان على الشفاء لا على القراءة» [المرجع السابق (20/507)]، يعني أن الْجُعْل وهو الأجرة إنما هو على شرط الشفاء.
سئل فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين عن جواز أخذ الأجرة على الرقية الشرعية من الكتاب والسنة دون طلب أجر أو اشتراط؟
فأجاب حفظه الله: «لا مانع من أخذ الأجرة على الرقية الشرعية بشرط البراءة من المرض وزوال أثره، والدليل على ذلك حديث أبي سعيد أن بعض الصحابة نزلوا بقوم فلم يقروهم، فلدغ سيد القوم فسعوا له بكل شيء ولا يغني عنه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء النازلين فأتوهم، فقال بعضهم: والله إني لأرقي ولكن قد نزلنا بكم فلم تقرونا، فما أنا بقارئ إلا بشيء، فصالحوهم على قطيع من الغنم، فجعل يتفل عليه ويقرأ " الحمد لله رب العالمين " فقام وكأنما نشط من عقال، فأوفوا لهم جعلهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " اقسموا واضربوا لي معكم سهماً ". فأقرهم على الاشتراط وأسهموا له ليدل على إباحته، ولكن بشرط أن يرقي رقية شرعية، فإن كانت غير شرعية فلا تجوز، ولا يشترط إلا بعد السلامة من المرض وزواله، والأولى بالقراء عدم الاشتراط، وأن تكون الرقية لتنفع المسلمين وإزالة الضرر والمرض، فإن دفعوا له شيئاً بدون اشتراط أخذه دون أن يكون هو قصده، وإن دفعوا له شيئاً أكثر مما يستحق رد الزائد إليهم، وإن اشترط فلا يشدد في الاشتراط بل بقدر الحاجة الضرورية، والله أعلم»
[فتح الحق المبين في أحكام رقى الصرع والسحر والعين ص 349]
أما ما يفعله كثير من الرقاة في زماننا من التوسع في هذه القضية فإنه بلا شك قد وقعوا فيما لا ينبغي «فهم يأخذون الأجر على التلاوة، سواء كان ذلك بمباشرة النَّفْثِ على المريض أو النفث في أدوية يُغالون في ثَمَنِها لأجل نفْثهم وقراءتهم فيها، فيكون ما زاد على ثمنها الأصلي من أجل ذلك!، وقد يكتبون الرُّقَى في قراطيس يبيعونها على المريض بأثمانٍ باهظة!؛ وهذا كله وما شابهه لا تدل عليه قصة اللَّديغ حيث إنَّ الْجُعل يُدفع للراقي بعد شفاءِ المريض، وهذا ظاهر هذه الأحاديث حيث جَرَت الرقية على مقتضى المشارطة على الشفاء، فأين هذا من فعل هؤلاء الذين يأخذون المال دون شرط الشفاء؟!، ولو كانت ريالاً أو ريالين مثلاً لَهَانَ الْخَطْب ولكنها أموال باهظة يأخذونها بالباطل!؛ ولذلك لا يُعهد عن الصحابة ولا العلماء بعدهم أخذ الأجرة على الرقية بهذه الكيفية التي يفعلها أهل الوقت.
وبعضهم قد جعَل لِمَحَلِّه بوَّاباً أجنبياً يأخذ ممن يريد الدخول على هذا الراقي خمسة ريالات ( رَسْم الدخول! )، وهذا ليس أجرة الرقية، فتلك شيء آخر!..»[الفرق بين الرقية الشرعية والرقية التجارية ص 6 بتصرف يسير]
ولهذا منع العديد من أهل العلم فتح عيادات خاصة بالرقية لما قد يؤدي إلى افتتان الراقي وانحراف أصحابها.
سئل العلامة صالح الفوزان حفظه الله: ما رأيكم بفتح عيادات متخصصة للقراءة؟
فأجاب: «هذا لا يجوز أن يفعل؛ لأنه يفتح باب فتنة، ويفتح باب احتيال للمحتالين، وما كان هذا من عمل السلف أنهم يفتحون دورًا أو يفتحون محلات للقراءة، والتوسع في هذا يحدث شرًّا، ويدخل فيه فساد، ويدخل فيه من لا يحسن، لأن الناس يجرون وراء الطمع، ويريدون أن يجلبوا الناس إليهم ولو بعمل أشياء محرمة، ولا يقال: هذا رجل صالح؛ لأن الإنسان يفتن والعياذ بالله، ولو كان صالحًا ففتح هذا الباب لا يجوز»[المنتقى (2/148)]وانظر [مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين(17/4)].

ما حكم طلب الرقية من الغير؟
ذكر الكثير من أهل العلم أن طلب الرقية من الغير مكروه، وذلك لأنه دليل على ضعف التوكل والاعتماد على الله تعالى إلا إذا احتاجها فلا بأس بطلبها فإذا كانت الضرورات تبيح المحضورات فما بالك بالمكروهات والله أعلم.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أمتي سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ، هُمُ الَّذِينَ لاَ يَسْتَرْقُونَ، وَلاَ يَتَطَيَّرُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» رواه البخاري ومسلم
لا يسترقون معناه: لا يطلبون الرقية.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ:
«فمدح هؤلاء بأنهم لا يسترقون أي لا يطلبون من أحد أن يرقيهم والرقية من جنس الدعاء فلا يطلبون من أحد ذلك، وقد روي فيه (ولا يرقون) وهو غلط؛ فإن رقياهم لغيرهم ولأنفسهم حسنة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرقي نفسه وغيره ولم يكن يسترقي؛ فإن رقية نفسه وغيره من جنس الدعاء لنفسه وغيره وهذا مأمور به؛ فإن الأنبياء كلهم سألوا الله ودعوه كما ذكر الله ذلك في قصة آدم وإبراهيم وموسى وغيرهم»[مجموع الفتاوى (1 / 182)].
فالأتم والأكمل أن يرقي المسلم نفسه وسيأتي بإذن الله كيفية الرقية الشرعية من السحر والعين وغيرهما من الأمراض الروحية.

المبحث الثاني:
 الرقية البدعية والشركية: وهي ما كان فيها مخالفة شرعية للرقية الشرعية سواء ببدعة (أي ما لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم)، أو بشرك وكفر والعياذ بالله.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «[ما] كَانَ فِي ذَلِكَ كَلِمَاتٌ مُحَرَّمَةٌ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ فِيهَا شِرْكٌ أَوْ كَانَتْ مَجْهُولَةَ الْمَعْنَى يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا كُفْرٌ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَرْقِيَ بِهَا وَلَا يُعَزِّمَ وَلَا يُقْسِمَ» [مجموع الفتاوى (24/277)]

مخالفات الرقية الشرعية:
قد تكون هذه المخالفات محرّمة، وقد تكون من سبيل البدعة، وقد تصل بعضها إلى درجة الكفر والشرك والعياذ بالله، وسأكتفي بذكر بعضها والله الموفق:

*المخالفات المحرمة:
 ـ الخلوة بالمريضة: فإن هذا لا يجوز ويجب على الراقي إذا رقى مريضة أن تكون مع محرما لها مثلا، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ»
ـ رقية المرأة وهي في كامل زينتها: والله تعالى يقول:﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ﴾ [النور:31]
ـ مس جسد المرأة:»لا يجوز للراقي مسّ شيء من بدن المرأة التي يرقيها لما في ذلك من الفتنة، وإنما يقرأ عليها بدون مس. وهناك فرق بين عمل الراقي وعمل الطبيب؛ لأن الطبيب قد لا يمكنه العلاج إلا بمس الموضع الذي يريد أن يعالجه، بخلاف الراقي فإن عمله وهو القراءة والنفث لا يتوقف على اللمس»[عشر مخالفات في الرقية]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له» رواه الطبراني في معجمه الكبير وصححه الألباني في صحيح الجامع (5045 )
ـ تصديق الجني المتلبس بالمريض: فقد ينطق الجني على لسان المريض فيتهم شخصا معينا بعمل السحر، والأصل أنه لا يصدق لأن الغالب فيهم الكذب، وقد ثبت فسقه بتلبسه بالمريض والله تعالى يقول:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾[سورة الحجرات:6]
وكم حدث بسبب تصديقه من قطع للرحم وتشتيت للأسر والله المستعان.


*المخالفات البدعية:
ـ صب الرصاص: وهو ما يسمى عندنا بضرب الخفيف، وقد تعجبت لما سمعت أن بعض النساء الجاهلات يفعلن ذلك بسبب اعتقادهن أن هذا الفعل كانت تقوم به السيدة فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، علما أنها رضي الله عنها بريئة كبراءة الذئب من دم يوسف، وهي أعلم وأتقى وأنقى من أن تقوم بمثل هذه الخزعبلات.
ـ البخور: وخاصة ما يسمى عندنا (بالفاسوخ) ويزعمون زورا وبهتانا أن هذا مما يطرد الجن والشياطين، وهذا لم يأت فيه دليل صحيح ولا ضعيف.
ـ القطران: وهو السائل الأسود المعروف، يقوم الكثير من الجهلة بتلطيخ أيديهم وأرجلهم ورؤوسهم بالقطران زاعمين أن هذا يمنع تسلط الجن والشياطين، ومما نأسف إليه أنن نرى هذه العادة القبيحة تنتشر بكثرة في ليلة السابعة والعشرين من رمضان، والله المستعان.
ـ سبع موجات: وهو الاغتسال من سبع موجات (البحر)، ويزعمون أن هذا يذهب العين والحسد وأثر السحر، وهو سبب لتزويج البنات، ولا أدري من أين وردت علينا هذه الأفكار الجاهلية، فمثل هذه الترهات لم يرد فيها شرع ولا يوجد ما يوافق عقل، إن كان فيه عقل.
تنبيه: هذه الأمور قد تصيرا شركا وكفرا إذا كانت من باب التقرب للجن والشياطين، أو الاعتقاد أن هذه الأمور أنفع من القرآن والسنة..

*المخالفات الشركية:
ـ الذبح لغير الله: يطلب الساحر الدم من ذبيحة تذبح ولا يسمى عليها، ويلطخ الدم في أماكن الألم للمريض ويأمره أن يرمي الذبيحة في أماكن خربة أو عند حجر أو شجر، قال صلى الله عليه وسلم:«لعن الله من ذبح لغير الله» رواه مسلم
ـ تعليق الحلق والخامسة: ويلحق بها تعليق العجلات على البيوت، وكذا صفيحة رجل الحصان، فمن اعتقد أنها تدفع العين والحسد وأنها تشفي من دون الله فقد وقع في الشرك الأكبر، ومن ظنها أنها مجرد أسباب فقد وقع في الشرك الأصغر، وكما يقال: أحلاهما مر.
 قال أَبَو بَشِيرٍ الأَنْصَارِي رضي الله عنه:»أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَسُولاً أَنْ لاَ يَبْقَيَنَّ فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلاَدَةٌ مِنْ وَتَرٍ أَوْ قِلاَدَةٌ إِلاَّ قُطِعَتْ» رواه البخاري ومسلم
ورُوي أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَبْصَرَ عَلَى عَضُدِ رَجُلٍ حَلْقَةً أُرَاهُ قَالَ مِنْ صُفْرٍ فَقَالَ «وَيْحَكَ مَا هَذِهِ» قَالَ: مِنَ الْوَاهِنَةِ قَالَ: «أَمَا إِنَّهَا لاَ تَزِيدُكَ إِلاَّ وَهْناً انْبِذْهَا عَنْكَ فَإِنَّكَ لَوْ مِتَّ وَهِىَ عَلَيْكَ مَا أَفْلَحْتَ أَبَداً» رواه أحمد وابن ماجة وابن حبان وغيرهم
ـ الاستعانة بالجن سواء كان مسلما أو يدعي أنه مسلم، والعجب كيف يستطيع الراقي أن يميز بين الجن المسلم وغيره؟! إن هذا لشيء عجاب«لا تجوز الاستعانة بالجن في معرفة نوع الإصابة ونوع علاجها؛ لأن الاستعانة بالجن شرك، قال الله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً﴾ [الجن: 6]، وقال تعالى: ﴿وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ﴾ [الأنعام: 128]، ومعنى استمتاع بعضهم ببعض أن الإنس عظّموا الجن وخضعوا لهم واستعاذوا بهم، والجن خدموهم بما يريدون وأحضروا لهم ما يطلبون، ومن ذلك إخبارهم بنوع المرض وأسبابه مما يطّلع عليه الجن دون الإنس؛ وقد يكذبون فإنهم لا يؤمنون، ولا يجوز تصديقهم»[عشر مخالفات في الرقية، للجنة الدائمة للإفتاء]
ـ الرقية بألفاظ غير مفهومة: وهي في الغالب استغاثات بالشياطين، ويلحق بهذا كذلك التمتمات، فبعض السحرة المدعين للرقية قد يلبسون على العوام بقراءة بعض الآيات ثم بعد ذلك يتمتمون.
ـ التسبيع بالملح: يعتقدون أنه يذهب العين ويبطل السحر، ويتبعون ذلك بتمتمات غير مفهومة، ثم يأمرون المريض بعد ذلك برمي جزء من هذا الملح في الحمام (الكنيف) قائلا: (عين المدنوسة في المنجوسة) وجزءا منه في الماء قائلا: (عين الحاسدة في الفاسدة)، وجزءا في الجمر قائلا: (عين الجار في الدار)، وجزءا في المراح (ساحة البيت) قائلا:(رميت في المراح، يرقد وليدي ويستراح)، فكل هذه الأفعال والأقوال محرمة ولا يجوز التداوي بمثل هذه الترهات.
فيجب على العبد المسلم الحذر من الذهاب إلى أمثال هؤلاء الدجالين من السحرة والكهان والمشعوذين، فقد قال صلى الله عليه وسلم:»من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم» رواه أحمد والحاكم وصححه الألباني
ـ العلاج بالبيض: يأمر المريض بالإتيان بيضة ثم يعزم عليها، ويستخرج بها وفيها السحر الذي سحر به المريض، ولا شك أن هذا الفعل لا يجوز خاصة وما يصحبه من استغاثات بالجن والشياطين.
ـ استعمال الحلتيت والوزغة (التي تعرف بالعامية: التاتة): الحلتيت مادة مرة جدا، والمشعوذون يستعملون هذه المادة لصرف الجن بزعمهم، وفي الحقيقة هو منتن، والرائحة المنتنة تعجب الشياطين.
أما الوزغة فيستعملها السحرة والمشعوذون، مخالفة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلها إذ قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَتَلَ وَزَغَةً فِي أَوَّلِ ضَرْبَةٍ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً وَمَنْ قَتَلَهَا فِى الضَّرْبَةِ الثَّانِيَةِ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً لِدُونِ الأُولَى وَإِنْ قَتَلَهَا فِي الضَّرْبَةِ الثَّالِثَةِ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً لِدُونِ الثَّانِيَةِ» رواه مسلم

علامات الساحر: إذا وجدت علامة من هذه العلامات في أحد ممن يدعي الرقية ففر منه فرارك من الأسد، فإنه ساحر فاجر، وليس راقيا نقيا.
ـ أن يسأل المريض عن اسمه واسم أمه
ـ أن يطلب حيوانا بصفة معينة.
ـ أن يطلب الدم من ذبيحة تذبح ولا يسمى عليها، ويلطخ الدم في أماكن الألم للمريض ويأمره أن يرمي الذبيحة في أماكن خربة أو عند حجر أو شجر.
ـ أن يطلب أثرا ممن يأتي إليه، كثوب، أو ملابس داخلية أو مشط أو أظافر أو شعر أو صورة.
ـ كتابة الطلاسم أو الرموز أو الحروف المقطعة أو الأرقام أو المربعات أو الدوائر.
ـ إعطاء المريض حجابا منه الصغير والكبير، يكون بشكل مثلث، أو مربع يلف في جلد أو قطعة فضة، ويكون بداخله استغاثات شركية، وأرقام أو حروف وقد يأمره الساحر أن يعلقه في عنقه أو في عضده أو يضعه تحت وسادته.
ـ إعطاء خيط من صوف أو حبل به عقد.
ـ يعطي المريض أشياء يدفنها في الأرض.
ـ يعطي المريض أوراقا بها طلاسم أو أبخرة يحرقها ويتبخر بها وقت الغروب أو الإشراق أو القيلولة.
ـ يكتب للمريض حروفا مقطعة في آنية، أو في طبق خزف أو في قطع من خشب بمادة معينة تذاب أو بالزعفران ثم يأمر من يراجعه بإذابتها وشربها
 ـ يعطي من يراجعه من المرضى أو غيرهم ماء يضع بداخله بعض الأوراق التي بها طلاسم واستغاثات شيطانية، ويأمره أن يغتسل بها في مكان مهجور خرب أو مقبرة مهجورة.
ـ الخط على الرمل. 
ـ قراءة الكف والفنجان
ـ يضرب الكاهن بالحصى أو الودع أو بنوى التمر،أو بحبات الشعير على جلد السباع أو على قطعة القماش المنسوج المخصص لهذا العمل.
ـ صب الرصاص.
ـ إعطاؤه خاتما نقشت عليه بعض الرموز والطلاسم.
 ـ قد يخرج بمظهر المعالج بالأعشاب والقراءة المشروعة والطب الشعبي حتى يخدع العوام وجهلة الناس.
 ـ يأمره أن يعلق خرزة زرقاء، أو ودعة في عنقه أو في دابته أو مركبته أو داخل بيته.
 ـ يأمره أن يلبس ملابس معينة في أيام معدودة، وهذه الملابس قد ملئت بالطلاسم والرموز.
 ـ كتابة الساحر والعياذ بالله للقرآن بالنجاسات ودم الحيض، واحتقار القرآن وامتهانه، وكتابة بعض العبارات الشركية والرموز، والاستغاثات والرسوم الخبيثة تعالى الله عما يعمل الظالمون علا كبيرا...
 ـ يعطي الساحر أو الكاهن من يراجعه أشياء غريبة كبيض مكتوب عليه طلاسم، أو أقفال لفت بالجلود والطلاسم.
 ـ يأمره أن يحمل جلد ذئب أو أسنانه، أو يربط خيوط سوداء في سيارته وكل هذا من التعلق بغير الله وفي الحديث: (من تعلق بغير الله وكل إليه).
 ـ يطلب أشياء غريبة من باب التعجيز، حتى إذا عجز المريض عن الإتيان بها طلب منه الساحر مبلغا كبيرا من المال، وقال له: أنا أحضرها لك من ملك الجان، ومن أمثلة ذلك: أن يطلب أحد عشر فأرا يصطادها وقت القيلولة، أو يطلب فأرا يتيما أو قردا أعمى......الخ..
ـ يطلب أشياء غريبة من باب التعجيز، حتى إذا عجز المريض عن الإتيان بها طلب منه الساحر مبلغا كبيرا من المال، وقال له: أن أحضرها لك من ملك الجان، ومن الأمثلة على ذلك: أن يطلب أحد عشر فأرا يصطادها وقت القيلولة أو يطلب فأرا يتيما أو قردا أعمى...إلخ
 ـ يخبر الساحر والكاهن الشخص باسمه، أو اسم أمه، أو البلد الذي جاء منها أو المشكلة التي جاء من أجلها.
ـ يعطي بعض المرضى ماء يأمره أن يضعه تحت النجوم، هو ما يسمونه (الماء المنجم) وهو من أعمال السحرة.
ـ التمتمة وتلاوة العزائم والطلاسم غير المفهومة.
 ـ يأمر المريض أن يعقد خيوطا أو حبالا على شجرة معينة.
هذه أهم العلامات التي يعرف لها ذاك المجرم الخبيث.

المبحث الثالث:
طريقة الرقية الشرعية:
أخي الحبيب اعلم أنك تستطيع أن ترقي نفسك وأهلك بنفسك بإذن الله، وذلك بصدق الاعتماد والتوجه إلى الله، معتقدا اعتقادا جازما أن القرآن شفاء بإذن الله تعالى، كما قال سبحانه:﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراً [الإسراء:82].
ومن هنا لبيان الجنس لا للتبعيض فإن القرآن كله شفاء.. فهو شفاء للقلوب من داء الجهل والشك والريب فلم ينزل الله سبحانه من السماء شفاء قط أعم ولا أنفع ولا أعظم ولا أشجع في إزالة الداء من القرآن] [الجواب الكافي ص 8-9]
أخي الحبيب قبل أن أشرع في ذكر ما تقرأ من آيات قرآنية وأحاديث نبوية أنبهك لأمور وهي:
أن هذه الآيات القرآنية ليست من باب التخصيص، فقد سبق الذكر أن القرآن كله شفاء بإذن الله، ولكن قد يكون لبعض المواضع من كتاب الله نفعا أكبر بإذن الله.
إذا قرأت على مريض آيات معينة ووجدت لها التأثير فلا بأس بتكرارها، قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:»وهكذا قراءة الفاتحة على المريض واللديغ من أعظم أسباب الشفاء، ولا سيما مع التكرار لذلك بصدق وإخلاص لله سبحانه، في طلب الشفاء منه، والإيمان الصادق بأنه سبحانه هو الشافي لا يقدر على الشفاء من جميع الأمراض غيره عز وجل»[مجموع فتاويه (1/209)]
ـ استعمال النفث: وهو كما عرفه ابن الأثير رحمه الله:»النَّفْث بالفَم: وهو شَبيه بالنَّفْخ وهو أقَلُّ من التَّفْل، لأن التَّفْل لا يكون إلاّ ومعه شيءٌ من الرِّيق»[النهاية في غريب الحديث والأثر(5/197)]
ومن باب أولى هو غير البصاق، وإنما هو أشبه ما يكون بالهواء الخارج من الفم.
والحكمة منه كما ذكرها الإمام ابن القيم رحمه الله:»فنفْسُ الراقي تُقابل تلك النفوس الخبيثة، وتزيدُ بكيفية نفسه، وتستعين بالرُّقية وبالنفثِ على إزالة ذلك الأثر، وكلَّما كانت كيفيةُ نَفَس الراقي أقوى، كانت الرُّقيةُ أتمَّ، واستعانتُهُ بنفْثه كاستعانة تلك النفوسِ الرديئة بلسعها.
وفى النفث سِرٌ آخر، فإنه مما تستعين به الأرواح الطيبة والخبيثة، ولهذا تفعلُه السّحَرةُ كما يفعلَهُ أهلُ الإيمان. قال تعالى: ﴿وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ في الْعُقَدِ﴾، وذلك لأن النفْس تتكيَّفُ بكيفية الغضب والمحاربة، وتُرسِلُ أنفاسَها سِهاماً لها، وتمدُّها بالنفْث والتفْل الذي معه شىء مِن الرِّيق مصاحب لكيفية مؤثرة، والسواحِرُ تستعين بالنفث استعانةً بيِّنةً، وإن لم تتصل بجسم المسحور، بل تنفثُ على العُقدة وتعقِدها، وتتكلم بالسِّحْر، فيعمل ذلك في المسحور بتوسط الأرواح السُّفلية الخبيثة، فتقابِلُها الرَّوح الزكية الطيبة بكيفية الدفع والتكلم بالرُّقية، وتستعينُ بالنفث، فأيُّهُما قَوِىَ كان الحكمُ له.....»[زاد المعاد في هدي خير العباد (4/179)]

الرقية العامة:
أ/ الآيات القرآنية:
قبل أن تشرع في الرقية الشرعية على نفسك، ضع يدك على موضع الألم خاصة، أو على الرأس أو الصدر، أو في قارورة ماء أو زيت زيتون أو عسل مع النفث عند القراءة، وابدأ بترتيل الآيات وقراءة الأذكار مع خشوع القلب وحضور الفكر.
ـ سورة الفاتحة
ـ سورة البقرة: وبخاصة بعض الآيات منها: فقد قال رسول الله عليه وسلم: «اقرؤوا فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة»رواه مسلم
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة» رواه مسلم.
ـ ﴿الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾[البقرة:1ـ5]
ـ ﴿اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾[البقرة:255]
ـ ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ* لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾[البقرة:286]
ـ ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾[آل عمران:19]
ـ ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾[الأعراف:53]
ـ ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [يونس:57]
ـ ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا﴾ [الإسراء:82]
﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾ فصلت:44]
ـ ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [الحشر:21ـ24]
سورة الإخلاص، سورة الفلق، سورة الإخلاص.

ب/ الأدعية النبوية:
ـ «بِسمِ اللهِ الَّذِي لا يَضُرُّ مَعَ اسمِهِ شَيءٌ في الأرْضِ ولا في السَّماءِ وهُوَ السَّمِيعُ العَلِيم» ثلاثاً
ـ «أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللهِ وقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أُجَدْ وأُحَاذِر» سبعا
ـ «أعوذُ بكلِمَاتِ اللهِ التامَّاتِ مِنْ شرِّ مَا خَلقَ»
ـ «أعُوذُ بِكَلِمَاتِ الله التّامات مِنْ غَضَبِهِ وَعِقَابِهِ وشَرّ عِبَادِهِ، ومِنْ هَمَزَاتِ الشّيَاطِينِ وأَنْ يَحْضُرُونِ»
» ـ اللهُمَّ ربَّ الناس أَذْهِبِ البَأس، اشفِه وأنت الشَّافِي، لا شِفَاءَ إلاَّ شِفاؤُك شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمَا«


2ـ الرقية من السحر:
أ/ الآيات القرآنية:
ـ ﴿وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ﴾[البقرة]
ـ ﴿قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ * قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ * وَأَوْحَيْنَا إلى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ * وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ﴾ [الأعراف]
ـ ﴿فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ * فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ * وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ﴾ [يونس]
ـ ﴿قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى * قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى * فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى * قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى* وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى * فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى﴾[طه]


3ـ الرقية من العين والحسد:
أ / الآيات القرآنية:
﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا
ـ ﴿وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ * وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ
ـ ﴿وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا
ـ ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ * الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ* ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ
ـ ﴿فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ *وَخَسَفَ الْقَمَرُ * وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ * يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ﴾

ب/ الأدعية النبوية:
ـ «بِسْمِ اللهِ يُبْرِيكَ، ومِنْ كُلِّ دَاءٍ يَشْفِيكَ، وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَد، وشَرِّ كُلِّ ذِيْ عَيْن»
ـ «بِسْمِ اللهِ أُرْقِيكَ، مِنْ كُلِّ شَيءٍ يُؤذِيكَ، مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أوْ عَيْنِ حَاسِدٍ، اللهُ يُشفِيكَ، بِسْمِ اللهِ أُرْقِيكَ»
ـ «أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة»
كما أنه أخي إذا شعرت بقلق أو غضب أو تغير في المزاج فلا بأس أن تقرأ آيات السكينة، واسمع لهذا الكلام النافع والنقل الماتع:
قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
«هذه المنزلة (أي:السكينة) من منازل المواهب لا من منازل المكاسب، وقد ذكر الله سبحانه السكينة في كتابه في ستة مواضع:
 الأولى: قوله تعالى: ﴿وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ [البقرة:248]
الثاني: قوله تعالى:﴿ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ﴾[التوبة: 26]
الثالث:﴿إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾[التوبة: 40]
الرابع: قوله تعالى ﴿هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً﴾[الفتح: 4]
الخامس: قوله تعالى ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً﴾[الفتح: 18]
السَّادس: قوله تعالى ﴿إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً﴾[الفتح: 26]
وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إذا اشتدت عليه الأمور: قرأ آيات السكينة، وسمعته يقول في واقعة عظيمة جرت له في مرضه تعجز العقول عن حملها من محاربة أرواح شيطانية ظهرت له إذ ذاك في حال ضعف القوة قال: فلما اشتد علي الأمر قلت لأقاربي ومن حولي: اقرءوا آيات السكينة قال: ثم أقلع عني ذلك الحال وجلست وما بي قلبة.
 وقد جرَّبت أنا (أي الإمام ابن القيم) أيضا قراءة هذه الآيات عند اضطراب القلب مما يرد عليه فرأيتُ لها تأثيرا عظيما في سكونه وطمأنينته» [مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (2/502)]
وفي الختام أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفي كل مريض، كما أسأله سبحانه أن يبطل سحر الساحرين، وحسد الحاسدين، وعين العائنين، وكيد الكائدين، إنه هو القوي المتين. 
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تابع القراءة ....

 
© 2009/ 11/25 *هذا القالب من تصميمى * ورود الحق