الاثنين، 7 مايو 2012

من جميل كلام الإمام السيوطي عن القرآن

[الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب تبصرة لأولي الألباب، وأودعه من فنون العلوم والحكم العجب العجاب، وجعله أجل الكتب قدرا ،وأغزرها علما، وأعذبها نظما، وأبلغها في الخطاب، قرآنا عربيا غير ذي عوج ولا مخلوق ،لا شبهة فيه ولا ارتياب.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له رب الأرباب ،الذي عنت لقيوميته الوجوه، وخضعت لعظمته الرقاب.
وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله المبعوث من أكرم الشعوب وأشرف الشعاب ،إلى خير أمة بأفضل كتاب،صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه الأنجاب، صلاة وسلاما دائمين إلى يوم المآب.
وبعد: فإن العلم بحر زخار لا يدرك له من قرار، وطود شامخ لا يسلك إلى قنته ولا يصار، من أراد السبيل إلى استقصائه لم يبلغ إلى ذلك وصولا، ومن رام الوصول إلى إحصائه لم يجد إلى ذلك سبيلا ،كيف وقد قال تعالى مخاطبا لخلقه: { وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}.
 وإن كتابنا القرآن لهو مفجر العلوم ومنبعها ،ودائرة شمسها ومطلعها، أودع فيه سبحانه وتعالى علم كل شيء، وأبان فيه كل هدي وغي، فترى كل ذي فن منه يستمد، وعليه يعتمد ،فالفقيه يستنبط منه الأحكام، ويستخرج حكم الحلال والحرام، والنحوي يبني منه قواعد إعرابه، ويرجع إليه في معرفة خطأ القول من صوابه، والبياني يهتدي به إلى حسن النظام، ويعتبر مسالك البلاغة في صوغ الكلام، وفيه من القصص والأخبار ما يذكر أولي الأبصار، ومن المواعظ والأمثال ما يزدجر به أولو الفكر والاعتبار، إلى غير ذلك من علوم لا يقدر قدرها إلا من علم حصرها ،هذا مع فصاحة لفظ وبلاغة أسلوب، تبهر العقول وتسلب القلوب، وإعجاز نظم لا يقدر عليه إلا علام الغيوب][ من مقدمة الإتقان في علوم القرآن للإمام السيوطي رحمه الله (1/9 ـ 10) ]

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
© 2009/ 11/25 *هذا القالب من تصميمى * ورود الحق