الأحد، 4 ديسمبر 2011

بكى أهل الجزائر في مصاب غدا منه نهارهم ظلاما
                                   ولو أن الدموع ترد ميتا لذرفنا الدماء له سجاما
الحمد لله المتفرد بالكمال والبقاء، والخلق كلهم مكتوب عليهم النقص والفناء، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ذوي المجد والثناء وبعد:
فقد وصلني خبر وفاة العلامة عبيد الله الأفغاني، فألبس الخبرُ قلبي لباس الحزن،تسارع الدمع إ
لى عيني..وتعذر عن النطق لساني..فهذه ثلمة أخرى تثلم في صرح العلم..
فرحت أفتش في أوراق الذكريات لألتقط ورقة من الأوراق تحكي لقاءً مع الشيخ الأفغاني..لا أظن أنه سيمحى من شريط الذكريات ولو طال العمر وتوالت السنوات..
ما زال صوتك في أذنيَّ يأسرني... ونور وجهك عن عينيَّ ما غربا
لالا تلمني أخي إن قلتُ قد جُمعت... في الخصال التي تستوجب العجبا
لا زلت تلك الصورة مرسومة في ذهني وهي عند أول يوم التقيت الشيخ رحمه الله...
لا أذكر أني احتقرت نفسي في مثل تلك اللحظة، فقد رأيت شيخا كبيرا في السن متكئا على إحدى سواري المسجد النبوي كأن وجهه مصباح، عليه السكينة والوقار ذا لحية بيضاء، وعليه عمامة بيضاء، وقد غُطَّتْ رجليه بغطاء غليظ (بطانية) ومن حوله طلبة كثيرون كل واحد منه ينتظر ليقرأ عليه، وما لفت انتباهي أنه كان مصابا برعشة شديدة في يديه، فتقدمت إليه وسألت أحد الطلبة: أهذا هو الشيخ عبيد الأفغاني؟ ، فأجابني: نعم، قلت لا يمتنع من الكلام مع الناس بعد طول التدريس؟(كما يفعل البعض) قال: أبدا. تقدمت إليه وسلَّمت عليه ووجدته ينصح أحد الناس كان لابسا قميصا مطرّزا فنهاه، ومما قاله له : هذا لباس النساء والبس قميصا عاديا.
ثم الفت إلي فسألته وأجابني ببساطة وحسن خلق وتواضع جم، وعاملني معاملة الأب لابنه وكأنه يعرفني منذ زمن بعيد..
إنني لأكتب هذه الحروف والدموع تنهمر من عيني، لأن لقائي مع الشيخ جعلني أستفيد منه دروسا ودروسا، ورؤيتك للشيخ الأفغاني تجعلك ترى الهمة في التدريس، والتواضع والحلم والنصح...
يا أيها الشيخ الجليل فراقكم.....ترك الجموع على لظى النيران
نستودع الله الكريم وديعة........ فهو الكريم يجود بالإحسان
رحمك الله يا شيخ وجعلك في زمرة أهل القرآن وبلغك بتعليمه أعلى الجنان..
ليلة الأربعاء 5 محرم 1433هـ
 

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
© 2009/ 11/25 *هذا القالب من تصميمى * ورود الحق