الجمعة، 21 نوفمبر 2014

بــــــيت في الجنة



الحمد لله وحمده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فإن مما لا يختلف فيه مختلفان، ولا يتناطح فيه اثنان، أنه أظلنا زمن الأزمات، ووقت المشاكل والمدلهمات، فتنوّعت و اختلفت،  صغرت وكبرت:أزمات اجتماعية، و أخرى اقتصادية..
و إن من أكبرها و أعظمها: أزمة حيَّرت الصغير قبل الكبير، و أرَّقت الأمير والوزير: أزمة السكن.
فأصبح الواحد يصبح و يمسي و يقضي أيامه و أحلامه يؤمل بناء بيت يجمع شمله، ويلم أهله.
و إن كانت هذه القضية تحتاج إلى دارسين و مخططين ومهندسين، فإنا نسأل الله لنا ولهم التوفيق و السداد لرفع هذه الأزمة على هذه الأمة فتسعد البلاد
 و العباد.
وذلك لأن من أسباب السعادة في هذه الدنيا المسكن الواسع، وفي المقابل من أسباب الشقاء المسكن الضيق.
 قال النبي صلى الله عليه وسلم:« أربع من السعادة: المرأة الصالحة، و المسكن الواسع، و الجار الصالح، و المركب الهنيء.
 و أربع من الشقاء: المرأة السوء، و الجار السوء، و المركب السوء، و المسكن الضيق»«صحيح الجامع» (887).
لكن أخي الحبيب هل فكّرت في بيت ولكن هناك، وليس هنا؟
نعم هناك حيث منزلك الأوّل و الأعظم والأجل..و مآلك في الأخير!
فحي على جنات عدن فإنها * منازلك الأولى وفيها المخيم

ولكننا سبى العدو فهل ترى * نعود إلى أوطاننا ونسلم
فإنَّ من أسباب زوال الهموم، وذهاب الغموم، ورحيل الأحزان، وتمزيق حبائل الأشجان، تذكّر الجنان، وما فيها من النّعيم و الرضوان، ورؤية الرّحيم الرّحمن.
فهذه آسيا بنت مزاحم رضي الله عنها زوج الطّاغية فرعون لما أعلنت إيمانها
و إسلامها، توعدها الطاغية بتعذيبها و قتلها..فالتجأت إلى ربها متضرعة مبتهلة فقالت:﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [التحريم:10].
و إنّ كتاب الله سبحانه، وسنّة النبي صلى الله عليه وسلم زاخرة  بذكر الجنة  ونعيمها لأنها الحياة الحقيقية و الأبدية.
 أمّا الحياة الدنيويّة فإنّما هي سفر من الأسفار، و رحلة إلى دار القرار.
إنّ الجنّة ونعيمها لا يخطر على بال، ولا يتصوره خيال، قال صلى الله عليه وسلم:« قَالَ اللَّهُ أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لاَ عَيْنَ رَأَتْ ، وَلاَ أُذُنَ سَمِعَتْ ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ» رواه البخاري(3244)، وسلم (7310).
و أما بناؤها فقد قال صلى الله عليه وسلم:« الجنة بناؤها: لبنة من فضة و لبنة من ذهب، و ملاطها المسك الأذفر و حصباؤها اللؤلؤ و الياقوت، و تربتها الزعفران من يدخلها ينعم لا يبأس، و يخلد لا يموت، لا تبلى ثيابهم و لا يفنى شبابهم » «صحيح الجامع» (3116).
لقد ذكر النبي صلى الله عليه و سلم العديد من الأفعال و الأقوال التي هي سبب في نيل ثواب عظيم و جزاء كريم وهو: بيت في الجنة.
فها هو سردها بعد ما جمعتها و ترتبتها، وفقنا الله و إياكم للعمل بها:
 1/ من بنى مسجدا لله:
قال النبي صلى الله عليه وسلم:«من بنى لله مسجدا و لو كمفحص قطاة أو أصغر بنى الله له بيتا في الجنة»«صحيح الجامع» (6128).
« كمفحص قطاة »:القطا طائر معروف أقل من الحمامة، وأكبر من العصفور، ومعنى ذلك  مَوْضِعهَا الَّذِي تُخَيِّم فِيهِ وَتَبِيض.
2/ من سد فرجة:
قال النبي صلى الله عليه وسلم:« من سد فرجة بنى الله له بيتا في الجنة، ورفعه بها درجة» «السلسلة الصحيحة» (1892).
« من سد فرجة »: فيه الترغيب في وصل الصفوف وسد الفرج.
3/صلاة الضحى و أربع قبل الظهر:
قال النبي صلى الله عليه وسلم:« من صلى الضحى أربعا و قبل الأولى أربعا بني له بيت في الجنة» « صحيح الجامع» (6340).
4/ من ثابر على اثنتي عشرة ركعة:
قال النبي صلى الله عليه وسلم:« من ثابر على اثنتي عشرة ركعة من السنة بني الله له بيت في الجنة: أربع ركعات قبل الظهر، و ركعتين بعده، و ركعتين بعد المغرب، و ركعتين بعد العشاء، و ركعتين قبل الفجر»«صحيح الجامع»(6362).
5/من قرأ سورة الإخلاص 10 مرات:
قال النبي صلى الله عليه وسلم:«من قرأ ﴿ قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ ﴾ عشر مرات بنى الله له بيتا في الجنة»«صحيح الجامع»(6362).
6/ من مات له ولد فحمد واسترجع:
قال النبي صلى الله عليه وسلم:«إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته: قبضتم ولد عبدي ؟
 فيقولون: نعم.
 فيقول : قبضتم ثمرة فؤاده ؟
فيقولون : نعم.
 فيقول : ماذا قال عبدي ؟
فيقولون: حمدك و استرجع.
 فيقول الله تعالى : ابنوا لعبدي بيتا في الجنة، و سمّوه بيت الحمد» «صحيح الجامع» (795).
7/دعاء دخول السوق:
قال النبي صلى الله عليه وسلم:«من دخل السوق فقال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك و له الحمد يحيي و يميت و هو حي لا يموت بيده الخير و هو على كل شيء قدير كتب الله له ألف ألف حسنة و محا عنه ألف ألف سيئة و رفع له ألف ألف درجة و بنى له بيتا في الجنة»  «صحيح الجامع» (6231).
رزقنا الله و إياكم العلم النافع والعمل الصالح، وجعلنا من أولي الألباب الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
محبكم في الله
أبو عبد العزيز منير الجزائري
abou-abdelaziz@hotmail.fr

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
© 2009/ 11/25 *هذا القالب من تصميمى * ورود الحق