قال الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله:
هذا عباد الله شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، و في بقيته للعابدين مستمتع، و هذا كتاب الله يتلى فيه بين أظهركم و يسمع، و هو القرآن الذي لو أنزل على جبل لرأيته خاشعا يتصدع، و مع هذا فلا قلب يخشع و لا عين تدمع، و لا صيام يصان عن الحرام فينفع، و لا قيام استقام فيرجى في صاحبه أن يشفع، قلوب خلت من التقوى فهي خراب بلقع، و تراكمت عليها ظلمة الذنوب فهي لا تبصر و لا تسمع، كم تتلى علينا آيات القرآن و قلوبنا كالحجارة أو أشد قسوة، و كم يتوالى علينا شهر رمضان و حالنا فيه كحال أهل الشقوة، لا الشاب منا ينتهي عن الصبوة، و لا الشيخ ينزجر عن القبيح فيلتحق بالصفوة، أين نحن من قوم إذا سمعوا داعي الله أجابوا الدعوة، و إذا تليت عليهم آيات الله جلت قلوبهم جلوة، و إذا صاموا صامت منه الألسنة و الأسماع و الأبصار أفما لنا فيهم أسوة؟ كما بيننا و بين حال الصفا أبعد مما بيننا و بين الصفا و المروة، كلما حسنت منا الأقوال ساءت الأعمال فلا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم و حسبنا الله
يا نفس فاز الصالحون بالتقى ... و أبصروا الحق و قلبي قد عمي
يا حسنهم و الليل قد جنهم ... و نورهم يفوق نور الأنجم
ترنموا بالذكر في ليلهم ... فعيشهم قد طاب بالترنم
قلوبهم للذكر قد تفرغت ... دموعهم كلؤلؤ منتظم
أسحارهم بهم لهم قد أشرقت ... و خلع الغفران خير القسم
ويحك يا نفس ألا تيقظ ... ينفع قبل أن تزل قدمي
مضى الزمان في ثوان و هوى ... فاستدركي ما قد بقي و اغتنمي
"لطائف المعارف فيما لمواسم العام من وظائف"
0 التعليقات:
إرسال تعليق