قال
الإمام ابن القيم رحمه الله:
«ولقد أخبر بعض العارفين
أنه شاهد منهن يوما عجبا، قال:
رأيت نملة جاءت إلى شق جرادة فزاولته
فلم تطق حمله من الأرض فذهبت غير بعيد ثم جاءت معها بجماعة من النمل، قال: فرفعت ذلك الشق
من الأرض فلما وصلت النملة برفقتها إلى مكانه دارت حوله ودرن معها فلم يجدن شيئا فرجعن،
فوضعته ثم جاءت فصادفته فزاولته فلم تطق رفعه فذهبت غير بعيد ثم جاءت بهن، فرفعته فدرن
حول مكانه فلم يجدن شيئا فذهبت فوضعته فعادت فجاءت بهن فرفعته فدرن حول المكان فلما
لم يجدن شيئا تحلقن حلقة وجعلن تلك النملة في وسطها ثم تحاملن عليها فقطعنها عضوا عضوا
وأنا انظر.
ومن عجيب أمر الفطنة فيها إذا نقلت الحب إلى مساكنها
كسرته لئلا ينبت فإن كان مما ينبت الفلقتان منه كسرته أربعا، فإذا أصابه ندا وبلل وخافت
عليه الفساد أخرجته للشمس ثم ترده إلى بيوتها ولهذا ترى في بعض الأحيان حبا كثيرا على
أبواب مساكنها مكسرا ثم تعود عن قريب فلا ترى منه واحدة.
ومن فطنتها أنها لا تتخذ قريتها إلا على نشر من الأرض
لئلا يفيض عليها السيل فيغرقها فلا ترى قرية نمل في بطن واد ولكن في أعلاه وما ارتفع
عن السيل منه»
«مفتاح دار السعادة» (1/243).